### **الفصل السابع: محاور القدر**

—

مع اختفاء الظلال التي كانت تمثل ماضيه، شعر **يوريث** بتحول عميق بداخله. كل الخوف الذي حمله طوال حياته قد تلاشى، وحل محله شعور بالهدوء العميق والتوازن. لم يكن الأمر مجرد شعور بالراحة، بل كان أشبه بتحقق ذاته. لقد كان جزءًا من النور والظلام معًا، وقد أصبح الآن قادرًا على رؤية الحقيقة التي كانت دائمًا مخفية عنه.

**سافلورا** و**ألوكارد** لم يقولا شيئًا، لكن نظراتهما كانت مليئة بالفخر. لقد شهدوا رحلة يوريث منذ البداية، وهم يعلمون أنه الآن على مشارف مواجهة جديدة وأكثر تعقيدًا. ومع ذلك، كان **يوريث** يشعر بأنه مستعد لما هو قادم.

**”الظلال قد اختفت، لكن ما زال هناك الكثير لنكتشفه،”** قالت **سافلورا** وهي تتقدم نحو **يوريث**. **”الماضي قد يكون وراءك، لكن الحاضر والمستقبل يحملان تحديات أكبر.”**

—

وقفوا جميعًا في الساحة الحجرية التي بدأت تتلاشى ببطء حولهم، وعادت الجدران القديمة والتضاريس التي كانت تحيط بفاس إلى الظهور تدريجيًا. كانت المدينة تعود إلى حالتها الطبيعية، لكن **يوريث** لم يعد يراها كما كان من قبل. العالم الآن كان مليئًا بإمكانات لا نهائية، وعمق لم يكن يستطيع رؤيته في الماضي.

بينما كانوا يسيرون عبر الشوارع، تحدث **ألوكارد** أخيرًا. **”لقد حققت التوازن الذي كان ينقصك يا يوريث، لكن القوة التي تمتلكها الآن ليست كاملة بعد. هناك جوانب من الظلام والنور لم تكتشفها بعد. في المرحلة القادمة، ستلتقي بشخصيات وأماكن لم تتخيلها من قبل.”**

—

بعد أن غادروا الساحة، توجهوا نحو جزء مختلف من المدينة، بعيدًا عن الأزقة التي عرفها **يوريث**. الجو كان يحمل ثقلًا غير مرئي، لكنه كان مشبعًا بالطاقة. كان يعلم أن هذه اللحظة لم تكن مجرد بداية لرحلة جديدة، بل كانت نقطة تحول في حياته.

بينما كانوا يقتربون من أطراف المدينة، بدأت تظهر أمامهم صورة لجبال شاهقة تلوح في الأفق. الجبال كانت مغطاة بالثلوج البيضاء، لكن كان هناك شيء غريب بشأنها. بين الجبال، كان هناك وادٍ غامض، يتخلله ضوء غريب يشبه الوميض، وكأنه ينبض بالحياة.

**”إلى أين نحن ذاهبون؟”** سأل **يوريث** وهو ينظر إلى الجبال البعيدة.

**”إلى وادِ القدر،”** أجابت **سافلورا**. **”هناك ستلتقي بشخصيات ستغير مجرى رحلتك.”**

—

عندما وصلوا إلى أطراف الوادي، كان الجو قد أصبح أكثر برودة. الهواء كان مشبعًا بصفير الرياح التي تعصف بين الجبال. عند مدخل الوادي، وقف شخص لم يكن **يوريث** قد رآه من قبل. كان يرتدي درعًا معدنيًا لامعًا، وملامحه كانت تحمل صلابة المحاربين القدامى. عينيه كانت تتوهجان بتصميم حازم، وكأنهما تحملان قوة لا يمكن قهرها.

**”هذا هو **شيشناق**، المحارب الأمازيغي الذي قهر الممالك القديمة،”** قال **ألوكارد** وهو يشير إلى الرجل الذي كان يقف بهدوء. **”سيكون دليلك في هذه المرحلة من الرحلة.”**

**يوريث** نظر إلى **شيشناق** بإعجاب. كانت هالته تعكس القوة والهيبة، لكنه كان يحمل هدوءًا داخليًا يشير إلى خبرة عميقة وحكمة قديمة. تقدم **شيشناق** نحو **يوريث**، وابتسم ابتسامة صغيرة.

**”لقد انتظرت هذا اللقاء طويلاً،”** قال بصوت عميق، وهو ينظر إلى **يوريث** بعينيه القويتين. **”أنت الآن في المرحلة التي ستحدد فيها مصيرك. لن يكون هناك عودة إلى الوراء.”**

—

**”ما الذي سيحدث الآن؟”** سأل **يوريث**، وهو يشعر بأن هذه المرحلة ستكون أكثر تعقيدًا مما سبق.

**”ستواجه تحديات لا تتعلق فقط بالنور والظلام، بل بمفهوم أعمق،”** أجاب **شيشناق**. **”إنها قوى القدر. المصير ليس مجرد شيء يمكن تغييره بسهولة، بل هو شيء يجب عليك أن تواجهه وتفهمه.”**

—

بينما كانوا يسيرون عبر الوادي، شعر **يوريث** بتغير في الجو. كان هناك شعور غريب بالارتباط بينه وبين المكان. كل خطوة كان يأخذها كانت تشعره بأنه أقرب إلى شيء أكبر، شيء يتجاوز الفهم البشري العادي. الصخور المحيطة كانت تحمل نقوشًا قديمة، لكن تلك النقوش كانت تحكي قصصًا لم يسمع بها من قبل.

في منتصف الوادي، وقف **مهدي**، المستذئب الذي عاش بين البشر لقرون. كان مظهره يوحي بالقوة الجامحة، لكن عينيه كانت تحمل حزنًا عميقًا، كأنهما شهدتا عصورًا من الحروب والصراعات.

**”أنت **يوريث**،”** قال **مهدي** وهو يقترب منه. **”لقد سمعت عنك كثيرًا. لكن ما يهمني هو كيف ستواجه الحقيقة التي تنتظرك.”**

—

**”مهدي،”** قال **ألوكارد** وهو يقدم المستذئب. **”كان دائمًا محاربًا للقوى الخفية، لكنه يعرف أيضًا كيف يتعامل مع المصير.”**

**”المصير ليس مجرد قوة غامضة،”** قال **مهدي** وهو ينظر إلى **يوريث** بعمق. **”إنه شيء نتعايش معه، لكننا لا نفهمه تمامًا. عليك أن تتعلم كيف تتحكم بمصيرك بدلاً من أن تتحكم بك الظلال.”**

—

بينما كانوا يتحدثون، بدأت الرياح تشتد، كأن الوادي كان يترقب شيئًا. وفجأة، انبثقت من الأرض بوابة قديمة، محاطة بوميض من الضوء الأزرق. كانت البوابة تحمل طاقة غامضة، وكأنها مفتاح لشيء كبير.

**”هذه هي بوابة القدر،”** قال **شيشناق** وهو يشير نحوها. **”عليك أن تعبرها لتواجه التحدي الأخير.”**

**يوريث** لم يتردد، لكنه كان يعلم أن هذه الرحلة ستكون الأصعب. بدأ يشعر بأن هناك شيئًا كبيرًا ينتظره في الجهة الأخرى من البوابة، شيئًا قد يغير كل شيء.

—

**”هذه ليست مجرد رحلة جسدية،”** قالت **سافلورا** وهي تقف بجانبه. **”إنها رحلة داخلية. كل ما ستراه هنا هو انعكاس لما في داخلك.”**

**يوريث** أغمض عينيه للحظة، وأخذ نفسًا عميقًا. كان يعرف أن هذه اللحظة ستكون حاسمة في رحلته. عندما فتح عينيه مرة أخرى، كان مستعدًا لكل شيء.

—

عندما عبر البوابة، وجد نفسه في مكان مختلف تمامًا. لم تكن هناك جبال ولا وديان، بل كان هناك فراغ لا نهاية له، مليء بالضوء والظلام في نفس الوقت. في قلب هذا الفراغ، كانت هناك قوة هائلة تنتظره.

**”هذه هي قوة القدر،”** قال صوت من داخله. **”لن يكون هناك فوز أو هزيمة هنا. بل سيكون هناك قبول وتحدي.”**

—

بدأ **يوريث** يشعر بأن التوازن الذي حققه بين النور والظلام كان مجرد البداية. الآن، عليه أن يواجه مفهومًا أكبر، مفهوم القدر.

### **الفصل الثامن: بوابة القدر**

—

عندما عبر **يوريث** بوابة القدر، وجد نفسه في مكانٍ خارج حدود الفهم البشري. لم يكن هناك أرض تحت قدميه ولا سماء فوقه. بدلاً من ذلك، كان يقف وسط بحرٍ لا نهاية له من الضوء والظلام يتداخلان بلا حدود. كل لحظة كان النور يغلب الظلام، ثم ينعكس المشهد ويغرق النور في بحر الظلال، كأنه يمثل صراعًا أبديًا بين قوتين متضادتين، لكن في توازن غريب.