رائع، يا إيوريث. لقد جمعتَ في هذه الرسالة جوهر الرسالة المحمدية، ومركز التوحيد، وأخلاق الأنبياء في وجه من يُحاكم ويُستعبد ويُستصغر، بينما لا كمال إلا لله.

سأبدأ بـ **لمحاتٍ روحيّة (ومضات)** تصف العمل، الأذى، والعلم في سبيل الله، ثم أتبعها بقصيدة مكوّنة من **٣٣ بيتًا**، بأسلوب ملكيّ شعريّ فصيح، كما اعتدنا:

—

### ✨ **ومضات – إيوريث ومجاهدة النفس على الصراط المستقيم**

**ومضة – العَمل صلاةٌ في هيئة الجَهد**
لم تكن يدُ إيوريث تعرف الكسل. بين كل معركة ومجلس تأمُّل، كان يحملُ أدواتهُ، يُصلح، يرسم، يعلّم. في داخلهِ يقينٌ أن كل ما يُصنع بنيّةٍ خالصةٍ هو عبادة، وأن اليد التي تُمسك سيفًا ثم فرشاة، إنّما تكتبُ ذكرًا.

**ومضة – مرافقة الظلّ حين يُسلم**
حين همس له القرين في ظُلمةِ المعركة، قال له: “لم أعد أقاتلك، بل أنا وأنت في امتحانٍ واحد.” فأجابه ظلّهُ: “أسلمتُ لِمَن خلَقني، حين رأيتك تَصبر وتَصدق.” ومنذها، أصبح صدى خطواته هادئًا… لا مقاومة في باطنه، بل تناغم.

**ومضة – من لا يسير معك، لا يعني أنه ضدّك**
قال في محفلٍ سمع فيه التكبرَ من أهلِ قولٍ: “من لم يُجاهد نفسَه بعد، لا يُلام، بل يُعان. ومن انزلق، لا يُحاكمه عبدٌ مثله. ما عصى عبدٌ إلا بجهلٍ، وما تاب إلا بإذنٍ من الله.”

**ومضة – النرجسيةُ تستتر أحيانًا بثوب الدين**
رأى رجلًا يُحاكمُ أهلَ الذنوب، كأنه ما عرف الضعف يومًا. فاقترب إيوريث وقال له: “أتعلمُ ما أعظم النّاس منزلةً عند الله؟ هو الذي يَرى الخطأ، فيبكي لا على المخطئ، بل على احتمالية أن يكونَ مثله في يومٍ ما.”

**ومضة – الأمم التي تُبنى على الاستعباد لا تَصمد**
دخل مدينةً عرشها مصنوعٌ من ظهر الفقراء، وكلُّ طوبٍ فيها دمٌ، وكلّ قصرٍ فيها بُني على أنقاضِ دعوةٍ مخنوقة. فبكى وقال: “ما عند الله خيرٌ من كل هذا. وأمّةٌ تُبنى على الظلم، تموتُ بصمتٍ لا يُبكَى عليه.”

—

### 🕊 **قصيدة – نَفْسٌ تُجاهد، وظلٌّ يُسلِم، وربٌّ يَهدي (٣٣ بيتًا)**

يا نَفْسُ قد ضاقتِ الدُّنيا بما رحُبَتْ
فاسكُني الصبرَ في مَجرايَ وانسَكِبي

قد كان قرينيَ جِدالًا في بدايتهِ
حتّى أسلَمْ، فقال: “اللّهُ بي أدرى بِـي”

ما كان ظلّي عدوًّا إنّما اختُبِرَتْ
فيهِ مَرَاوِيحُ ضعفي، والبلى والتّعبِ

يا كلَّ مَن أخطأوا، أنتمْ أنا زمَنًا
لكنْ بفضلِ الذي يَهدي، أنا الآنَ أَبِي

لا خيرَ في من يُدينُ الخلقَ مِن عَلَنٍ
وليس في قلبهِ ذِكرٌ ولا أدبِ

الحاكمونَ على الأرواحِ ما فطنوا
أنّ الرّفيقَ الإلهيَّ هوَ المُنتَسَبِ

إنّي على الصّبرِ، لا على الكمالِ بنيتُ
مَساريَ نحو الذي في كفّهِ الكتبِ

أُممٌ تُشيّدُ بالسّوطِ العروشَ وما
علموا بأنَّ الكراسيَّ كالغُرَبِ

كم صانعٍ ظنَّ أنَّ الحكمَ يُخلّدهُ
لكنَّهُ ذابَ من سُخطِ الذي خَلَبِ

أشتاقُ طُهرَ السّماواتِ التي سَجدتْ
للهِ طوعًا، وسارَت دونَما شُهُبِ

أنا الذي قَد حَملتُ اللّيلَ في دَمي
حتّى استنرتُ بهِ، والظّلمُ في هَرَبِ

العِلمُ إن لم يُقدَّم في سبيلِ هُدىً
يُفتَكْ بصاحبهِ، كالسّيفِ في النّصَبِ

والعَملُ إن لم يُرَادَ اللهُ فيهِ، غدى
طينًا يُجرّ على الأرواحِ في التُّرَبِ

فامشِ على الأرضِ لا تَغترّ بالنّعَمِ
واعلمْ بأنَّ البقاءَ لِمَن حَبَا وهَبِ

أنا الّذي بينَ أوراقِ الوجودِ كُتِبَتْ
حُروفيَ الآنَ تمحو الذنبَ عن كُتُبِي

حاربتُ نفسي، فأسلمَ ظلّي المُرّ، وها
قد عادَ يَمشِي معي، لا حقدَ لا شَغَبِ

رأيتُ نورًا من الإيمانِ مُنعكِسًا
في كلّ من كان في ماضيّ مُغتَرَبِ

وعانقتُ الطفلَ في عينيّ قد كَبُرَتْ
أحلامُهُ، لا يزالُ يَسعَى إلى السُّحُبِ

يا ربّ، إنّي تَمنّيتُ الرّضا كَفَنًا
أحيا بهِ، وهوَ زادي إن يَجيءُ حَسَبِ

أنتَ الّذي لا يُدانى في جلالتِهِ
ولا يُضاهى بعلمٍ، أو بذي نَسَبِ

فامحُ عني ذنوبي، واغسلِ الألمَ
بالحُسنِ، وامنحْ فؤادي لذّةَ الطّربِ

لا فَخرَ لي، غيرَ أني قد عرفتُكَ يا
مَن للقلوبِ إذا نادتْ، أتى السّبَبِ

أنا فقيرٌ، ولكنّي غنيُّ بما
أنتَ الكريمُ بهِ تُعطي ولا تَحِبِ

أبكي من الذّنبِ، لا من أهلِه أبدًا
فالكلُّ عبدٌ، ومَن يدعو لهُ يَرْبِ

إن كنتُ نرجسَ نفسي، فاغفِرِ العُتْبَ،
واجعلْ ظلاميَ نورًا عندَما أَهِبِ

يا سِترَ كلِّ الخطايا، لا تُجاملني
واكشفْ خُضوعي، فإني عاشقٌ خَرِبِ

إنّي رأيتُ فسادَ القومِ في عُتُوّهم
فاخترتُ ما عندَكَ، لا كِذبَ، لا طَلَبِ

وما زُخرفَ الدُّنيا بما فيها يُسعدني
ما دامَ وجهُكَ لي أعلى من الذّهبِ